خطبة الجمعة آخر صفر من الحرم المكي الجمعة 1445/2/30 هـ الموافق 2023/9/15 م مكة المكرمة / المدينة المنورة 30 صفر 1445 هـ الموافق 15 سبتمبر 2023 م , الان عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي إضافة أولى ذلك حيث أوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد أن في الدين الإسلامي شرائع محكمة لتحقيق التكافل بين أبناء الأمة، وتنشئة النفوس على فعل الخير، وإسداء المعروف، والوعد على ذلك بعظيم الأجر وجزيل الثواب، مشيرا إلى أن شهر صفر المبارك هو شهر البذل والجود والكرم والمواساة.
- خطبة الجمعة من الحرم المكي 1445/2/30
- خطبة المسجد النبوي اليوم الجمعة 15/9/2023
- صلاة الجمعة اليوم بالخطبة مكتوبة 30 صفر
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: الحديث عن الجود في شهر الجود حديث لا ينقضي منه العجب، وكيف ينقضي العجب ونبي الجود عليه الصلاة والسلام جوده كالريح المرسلة، وهو أجود ما يكون في شهر صفر وليس الجود بذل المال فحسب ، بل هو مفهوم أوسع وأشمل ، فالجود والكرم والسخاء كلمات يفسر بعضها بعضا ، ويدل بعضها على بعض كلمات كريمة تطلق على كل ما يحمد من أنواع الخير والشرف والعطاء ، قال بعض أهل العلم : " الكرم اسم واقع على كل أنواع الفضائل، ولفظ جامع لمعاني السماحة والبذل والنوائل " والله جواد كريم يحب الجود والكرم ويحب مكارم الأخلاق، ومن عظمت نعم الله عنده عظمت مؤونة الناس عليه، ومن لم يحتمل تلك المؤونة عرض النعمة للزوال.
الحرم المكي بث مباشر :
خطبة المسجد النبوي اليوم الجمعة 15/9/2023:
نص خطبة الجمعة من المسجد الحرام
إنَّ رحمةَ ربِّنا سبحانه عامةٌ شاملة، عَمَّت الكونَ ومَن فيه، وآثارُ رحمته سبحانه ظاهرةٌ للعَيان، واضحةٌ للأنام، فبرحمته خلق الإنسان في أحسن تقويم، وسوَّى جِسمَه وأحيا روحَه، وأمدَّه بالعقل، وغَذَاه بالنِّعم ، وبرحمته خَلَقَ الشمسَ والقمر، وجَعَل الليلَ والنهار، وبَسَط الأرض، وجعلها مِهادًا وفِراشًا وقرارا، وكِفاتًا للأحياء والأموات، وبرحمته سبحانه أرسلَ الرُّسُل، وأنزلَ الكتب؛ هُدىً للخَلْق بعد ضلالة، وتعليمًا بعد جَهالة، وتبصيرًا مِن عَمى، ورُشدًا مِن غَي.
وبين الشيخ بندر بليله أن من دلائل رحمةِ الله سبحانه: إنشاءُ السحاب، وإنزالُ الغيث، وإحياءُ الأرضِ بعد موتها، فمنها يأكلُ الخلقُ ويقتاتون ويدَّخرون، حيث وضعَ سبحانه الرحمةَ بين عباده وبين الحيوان ليتراحموا، فما رحمةُ الأمُّ بأولادها، وما رحمةُ القلوبِ البشريةِ بالضعفاء، وما رحمةُ الطيرِ والوحشِ بعضها ببعض، إلا فيضُ رحمةٍ من رَحَمات الرحيم سبحانه، عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله مائةَ رحمة، أنزل منها رحمةً واحدةً بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تَعطِفُ الوحشُ على ولدها، وأخَّرَ اللهُ تسعًا وتسعين رحمة، يرحمُ بها عبادَه يوم القيامة) ، قال ابنُ القيم رحمه الله: (وأنت لو تأملتَ العالمَ بعَينِ البصيرةِ لرأيتَه مُمتلئا بهذه الرحمةِ الواحدة، كامتلاء البحرِ بمائه، والجوِّ بهوائه).
فَتْحُ بابِ التوبة
ولفت إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن من رحمته سبحانه بعباده فَتْحُ بابِ التوبة لهم، ومغفرةُ ذنوبِهم، وسَترُ عيوبِهم؛ إذْ حِلمُه سبق غضبَه، وعفوُه سبقَ مؤاخذتَه، ثم يُدخِلُهُم جنتَه برحمته لا بأعمالهم فحسْب عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما قضى اللهُ الخلقَ كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سَبَقتْ غضبي) وفي رواية: (غَلبتْ غضبي).
وقال فضيلته: إن أسعدَ الناسِ برحمة اللهِ مَن جانبَ المعاصي والمحرمات، وأقبل على الطاعات والقُرُبات،والاستغفارُ جالبٌ للرحمة، دافع للنِّقمة، فمَن رَحِم عبادَ اللهِ رحمهُ الله، وفي الحديث: (إنما يَرحمُ اللهُ مِن عباده الرحماء) من حديث أسامةَ بنِ زيدٍ رضي اللهُ عنه.
وأضاف قائلا : وأكرم الناس أتقاهم، وأكرم الرجال نبي الله يوسف عليه السلام، فهو الكريم بن الكريم بن الكريم، وما ذلك إلا لأنه اجتمع له شرف النبوة، والعلم، والعفة، وكرم الأخلاق، والعدل ، ورئاسة الدين والدنيا ، فالكرم أيها الصائمون الكرام، والجود أيها القائمون الأجواد : مفهوم واسع ، يكون العبد كريما مع ربه بصلاح العقيدة وإحسان العبادة، وتجريد الإخلاص، وكريماً مع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بحسن الاقتداء والمتابعة ، والحب ، والتوقير، وكريماً مع نفسه بإبعادها عن مواطن الذل والمهانة، وكريماً مع أهله وأقاربه ومع الناس أجمعين ، بحسن المعاملة والبذل والبر والتحمل، فمن ضحى براحة جسمه وبذلها تعباً وكدا في مصالح الناس ومصالح إخوانه فقد بذل غاية الكرم.
وأوضح فضيلته أن الجود والسخاء صفات تحمل صاحبها على بذل الخير من غير منِّ ، يقول جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه وعن أبائه : " إن لله وجوها من خلقه خلقهم لقضاء حوائج عباده ، يرون الجود مجدا ، والأفضال مغنما ، والله يحب مكارم الأخلاق "، مشيراً إلى أن الكرم والجود ، والبذل والعطاء من حسن إسلام المرء ، ومن كمال إيمانه ، ودليل على حسن الظن بالله ، والكرامة في الدنيا يقول على رضي الله عنه : " إذا أقبلت عليك الدنيا فانفق فإنها لا تفنى ، وإذا أدبرت فأنفق فإنها لا تبقى وأنت للمال إذا أمسكته ، والمال لك إذا أنفقته، وكرم الرجل يحببه إلى أضداده ، وبخلهُ يُبغِّضه إلى أولاده.